المخابرات النرويجية تسلم الشيخ (ملا كریكار) تحت جنح الظلام لإيطاليا

خاص بموقع دوربين

سلَّمَتِ المخابرات النرويجية اليوم (٢٠٢٠/٣/٢٦) الشيخ (ملا كريكار) لإيطاليا، وهو الآن قيد الإعتقال في العاصمة الإيطالية (روما)، وقد صَرَّحَتْ وزيرة العدل النرويجية (مونيكا مالاند) ظهر اليوم في مؤتمر صحفي عن ارسال الشيخ (ملا كريكار) إلی ايطاليا.

ويجدر بالذكر أَنَّ عملية التسليم قد تمَّ في منتصف الليل من دون سابق إنذار، وبدون علم محامي الشيخ (حفظه الله)، وكانت الصحف النرويجية قد أشارت إلى أن السلطات هناك لم تسمح حتى لعائلة الشيخ بتوديعه، وحينما سُئِلَتْ وزيرة العدل من قبل الصحفيين حول: ما إذا كانت شروط السلامة الصحية متوفرة لنا نحن كصحفيين للذهاب الى إيطاليا ومتابعة إجراءات المحكمة هناك؟ أجابت قائلةً: "أَنَّ تلك الشروط متوفرة ل(كريكار)!"، ويأتي هذا في وقت كانت دولة النرويج مسبقاً قد حذَّرَتْ رسمياً مواطنيها مِنْ مَغَبَّةِ السفر إلى إيطاليا كإجراء إحترازي للحيلولة دون إصابتهم بفايروس الكورونا.

ومما يجدر الاشارة إليه انَّ عدد المصابين بفايروس الكورونا قد بلغ (تسعاً وستون ألف) شخص، وأَنَّ ما يقرب من (سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة) من الأشخاص قد أصبحوا في عداد الموتى بسبب الإصابة بهذا الفيروس الفتَّاك.

وعَقِبَ ذلك كَشَفَ السيد برينيار ميلينغ محامي الشيخ (ملاكريكار) في مؤتمر صحفي عن حيثيات ارسال الشيخ (حفظه الله) إلى إيطاليا وخاطب السلطات الحكومية هناك قائلاً: "اليوم يومٌ مُخْزٍ للجميع، مُخْزٍ للمخابرات النرويجية، مُخْزٍ للمحكمة، ومُخْزٍ للإدعاء العام النرويجي، ووصمة عار في جبين كل من لم يهتز ضميره الإنساني وكان بإمكانه وقف مهزلة تسليم رجل بريء لإيطاليا، ولم يقم بذلك ضارباً عرض الحائط كل قيم العدالة والإنسانية". وأضاف السيد (ميلينغ) متحدياً: "سوف أذهب إلى إيطاليا بنفسي وأجتمع بمحامي الشيخ (ملا كريكار) الذي عينته السلطات الإيطالية للدفاع عنه لنواجه معا محكمة (Bolzano) الإيطالية".

وبعد اخراج الشيخ كريكار من النرويج و توريطه بهذه القضية، صرحت وسائل الإعلام التابعة لحزب (FRP) قائلة: لقد خلصنا النرویج من (كريكار) ولن يعود مرة اخری. وعقد الحزب المذكور بهذه المناسبة حفلة إبتهاجا بترحيل الشيخ (ملاكريكار)، فيما صرَّحَ سكرتير الدولة النرويجية في رسالة سرية كتبها سابقا: "سوف نحتفل بإخراج كریكار من بلدنا، من روما". 

وعلی الرغم من أنه تبيّن للمحكمة ان هذه القضية قد تم تلفيقها للشيخ (ملا كريكار)، واستخدمت ضده كملف سياسي مزور وبعيد عن كل ما يَمُتُّ للحقيقة بِصِلَة؛ إلا أنَّ المخابرات النرويجية وبدون أيَّةِ مبالاةٍ بسلامة الشيخ (ملا كريكار) قامت بتسليمه تحت جنح الظَلام و بموافقة المحكمة للسلطات الإيطالية.

وقد نشرت صحيفة ايطالية خبراً مفاده أنه قد تم صباح اليوم نقل الشيخ (ملا كريكار) من مطار (فيميتيشينيو) الی سجن (ريبيبيا) وهو احد اكبر سجون روما سيئة الصّيتْ، والتي قام نزلائها قبل فترة بالإضراب العام بسبب سوء المعاملة التي يتلقونها من حرَّاس السجن وعدم السماح لهم بزيارة ذويهم لهم، وأَحْرَقوا جانباً من السجن مما تسَبَّبَ عن مقتل (أَحَدَ عَشَرَ) شخصاً وهروب (ثلاثين) منهم، وعلى أثرها تغيَّرتْ مُعَاَملَةُ حُرّاس السجن للنُزَلاءْ لمزيدٍ من القسوةِ والتشدُّدْ، فيما تناقلت الأخبار في الأيام القليلة الماضية عن موت (خمسةٍ وتسعين) شخصاً بسبب الإصابة بفايروس الكورونا في نفس المنطقة التي يقع فيها السجن التي تمَّ فيها إحتجاز الشيخ (سلَّمَه الله من كل مكروه).

ومما يجدر الاشارة إليه انه في نفس اليوم الذي تم فيه الحكم علی الشيخ (ملا كريكار) بالسجن لمدة (إثنتي عشرة) سنة والذي يصادف (٢٠١٩/٧/١٥)، قامت المخابرات النرويجية بِإلقاء القبض علی الشيخ في بيته وأُودِعَا لسجن التوقيفي لمدة ثمانية اشهر، وطِوالَ هذه الفترة لم تتمكن عائلته من التحدث معه باللغة الكردية.

وقد حُكِمَ علی الشيخ (ملاكريكار) بتهمة تأسيس تنظيم (روتي شاخ -تيَّارُ الشاخ-) في وقت أَكَدَّ الشيخ مِرَاراً وتِكْراراً أنْ لاوجود لهذا التنظيم مطلقاً ولانشاط لها على أرض الواقع ولم تُسَجَلْ رسمياً في أيةِ دولة وكما صَرَّح الشيخ بنفسه: "انا فقط أُمَثِلُ (التيَّار)، وهذا التيَّار لا تعدو أن تكون مجرد تأسيس لأرضية فكرية فقط".

ومعلوم أنَّه قد تَمَّ قبول الشيخ (ملا كريكار) كلاجيء سياسي و مُنِحَ حق الإقامة والعيش بأمان في النرويج عن طريق الامم المتحدة عام (۱۹۹۱م)، ولكن النرويج سلبت من الشيخ (حفظه الله) كل الحقوق التي كفلتها الأعراف والقوانين السماوية والأرضية لمدة (سبع عشرة) سنة، لتختمها اليوم بصفقة سياسية رخيصة بإخراجه من البلاد وإرسالِهِ الى بلدٍ غارق في مستنقع من الدماء.